رئيس تيليجرام التنفيذي يهدد بالخروج من الاتحاد الأوروبي بعد ضغوط المطالبة بفتح ثغرات برمجية، فهل باتت خصوصية مستخدمي التطبيق في خطر؟

أهم النقاط:
- أكد دوروف (Durov) أن الثغرات البرمجية (أو ما يُعرف بأبواب الوصول الخلفية) قد لا يقتصرُ استخدامها على جهات إنفاذ القانون، وإنما تمثل مخاطر أمنية جسيمة، ويُمكن استغلالها من قِبلِ المتسللين والاستخبارات الأجنبية وغيرها من الجهات المسيئة.
- حدّث تطبيق تيليجرام شروط استخدامه في أيلول/سبتمبر 2024 للسماح بمشاركة عناوين IP الإلكترونية وأرقام الهواتف مع السلطات في حال توفر أوامر قضائيةٍ سارية.
أصدَرَ الرئيس التنفيذي لمنصة تيليجرام -بافيل دوروف (Pavel Durov)- بياناً قوياً أكد فيه التزام المنصة بخصوصية مُستخدميها، حتى لو ترتب على ذلك مغادرة بعض الأسواق. جاء ذلك ردّاً على محاولاتٍ تشريعيةٍ تشكلت مؤخراً في فرنسا ومناطق أخرى من الاتحاد الأوروبي تطلب توفير دخولٍ لجهات إنفاذ القانون عبر أكواد التشفير تتيح لها الوصول إلى الرسائل المشفرة.
وقد أشار دوروف إلى مقترحٍ صدرَ مؤخراً عن مجلس الشيوخ الفرنسي، في محاولةٍ لإلزام منصة المراسلة تيليجرام بإتاحة ثغرات نفاذ برمجية إلى أكواد تشفير مراسلات التطبيق.
ورغم رفض الجمعية الوطنية لهذا التشريع المقترح، لكنّ بعض الجهات تواصل المطالبة بإضعاف تشفير المراسلات عبر المنصة لأغراض إنفاذ القانون، وقد صدر آخرُها عن قائد شرطة باريس، على الرغم من تحذير دوروف من التهديد الذي تمثله هذه المساعي لخصوصية المستخدمين وحُريتهم الرقمية.

وقال دوروف: “حتى الدول التي غالباً ما يُؤخذ عليها افتقارها للحريات المدنية لم تصل إلى حدّ المطالبة بحظر تشفير المحادثات”.
وحذَّر دوروف من المخاطر التقنية للثغراتِ الأمنية، مُوضحاً أنه لا يمكن حصر استخدام ثغراتٍ كهذه بأيدي جهات إنفاذ القانون وحدَها، فقد يستغلها المخترقون ووكالات الاستخبارات الأجنبية ومُجرمي الإنترنت على حدٍّ سواء.
القوانين ستفقد فاعليتها مع انتقال المجرمين إلى تطبيقات أقل خضوعاً للإشراف التنظيمي
شكَّك دوروف (Durov) بجدوى قوانين كهذه في مكافحة الجريمة، مشيراً إلى أن المجرمين سيلجؤون -على الأرجح- إلى تطبيقاتٍ أقل انتشاراً وخضوعاً للرقابة التنظيمية، وسيواصلون استخدام تطبيقات الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) للتواري عن أعين السلطات، بينما سيعاني المواطنون الملتزمون بالقوانين من عواقب انتهاك خصوصياتهم.
يُشار إلى أن تيليجرام -المعروفة بميزاتها المتقدمة في تشفير المراسلات- التزمت موقفاً صارماً بشأن حماية بيانات المستخدمين، وتفتخر بأنه لم يسبق لها أن كشفت محتوى الرسائل الخاصة على مدى تاريخها الممتد لاثني عشر عاماً.
واستناداً إلى قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي، فإن تيليجرام غير مُجبرة على تقديم أكثر من بياناتٍ تعريفية محدودة عن مستخدميها، كعناوين بروتوكول الإنترنت (IP) وأرقام الهواتف للسلطات التي لديها أوامر قضائية سارية، لا محتوى الرسائل نفسها.
تيليجرام عدّلت سياساتها في شهر أيلول/سبتمبر
على الرغم من هذا الموقف الصارم، عدّلت تيليجرام سياسات استخدامها في أيلول/سبتمبر 2024، وذلك عبر تحديث شروط خدمتها للسماح بإفصاح محدود للبيانات لجهات إنفاذ القانون؛ فبموجب الفقرة 8.3 من الشروط المُحدَّثة، تُصرّح تيليجرام بأنها ستقدّم عناوين IP وأرقام هواتف المستخدمين عند تلقيها أوامرَ قضائية بشأنهم، كالمذكّرات الصادرة عن المحاكم؛ لكنّ دوروف أكد على أن ذلك لن يمسَّ المبادئ الجوهرية لتيليجرام، مشدّداً على ذلك بقوله: “لن نُقايض الخصوصية بحصةٍ سوقية”.
ومع استمرار ضغوط الهيئات التنظيمية وبخاصةٍ مساعي المفوضية الأوروبية الأخيرة لاكتساب قدراتٍ رقابية إضافية، فإن رسالة دوروف تبدو واضحةً لا لَبس فيها، فقد صرّح الرئيس التنفيذي لتيليجرام بأنه لن يُساوم على أمان أكواد التشفير، حتى لو اضطرّه الأمر إلى إيقاف الخدمة عن مستخدمي بعض الدول مقابل الحفاظ على هذا المبدأ.
اعتقال الرئيس التنفيذي لشركة تيليجرام، وانتهاء حقبة مقاومة الرقابة
في 24 آب/أغسطس من العام الماضي، تم إلقاء القبض على دوروف في مطارٍ على مشارف العاصمة الفرنسية باريس، ووُجّهت إلى الملياردير الروسي المَولد تهمٌ عديدة، منها مزاعمُ بالتواطؤ في الاتّجار بالمخدرات، ونشر مواد إباحيةٍ للأطفال، والاحتيال، وغسيل الأموال، وتقديم خدمات تشفير غير قانونية.
ومنذ إطلاق سراح دوروف، تواجه تيليجرام ضغوطاً حكومية تهدف للنفاذ إلى بيانات المستخدمين. حول ذلك، أشارت داريا ليسينكو (Daria Lysenko) -المحامية المتخصصة بقضايا الكريبتو لدى مكتب المحاماة SBSB- إلى أن البيئة التنظيمية آخذةٌ بالتغيُّر، وأننا قد نرى خلال الفترة المقبلة إلزاماً لشركات التكنولوجيا -مثل تيليجرام- بالامتثال لمطالب الحكومات عبر مشاركة المعلومات الخاصة بمستخدميها.






