الصين ترد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 84% على الواردات الأمريكية، فهل يتراجع سعر بيتكوين إلى 76,000$؟
تصاعدت التوترات الجمركية بين أكبر اقتصادين عالمياً، الأمر الذي يُفاقم من تقلبات الأسواق المالية التقليدية وأسواق الكريبتو.

المحاور الرئيسية:
- يأتي فرض الصين تعريفاتٍ جمركية إضافية كردة فعل مباشرة على فرض الولايات المتحدة رسوماً إضافية على الواردات الصينية.
- ساهمت زيادة الرسوم الجمركية في تراجع سعر بيتكوين (BTC) لما دون 76,000$ إثر مخاوف من نشوب نزاع تجاري طويل الأمد.
- تمر الأسواق المالية التقليدية والرقمية بفترةٍ من التقلبات الحادة وسط تزايد مخاوف المستثمرين من تداعيات حرب تجارية ممتدّة.
في تصعيد مفاجئ للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت الحكومة الصينية في 9 نيسان/أبريل عن رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية من 34% إلى 84%، ليتراجَع سعر بيتكوين بشكلٍ حاد لما دون مستوى 76,000$ الهام عقب ذلك الإعلان. ويأتي تصعيد الصين الانتقامي رداً على الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الولايات المتحدة، والتي تضمّنت فرض رسوم جمركية بنسبة 104% على البضائع الصينية في 9 نيسان/أبريل بعد إعلان عزمها اتخاذ خطوة كهذه في الثامن من ذات الشهر.
وفيما ترى الحكومة الأمريكية أنّ التعريفات ضرورية لمعالجة الممارسات التجارية غير المنصفة من جانب الصين، يرمي قرار الحكومة الصينية برفع التعريفات إلى تحقيق تكافؤ الفرص وحماية صناعاتها المحلية.
تبعات التعريفات الجمركية تعصف بالأسواق العالمية
تسبّب الإعلان عن التعريفات الجمركية الجديدة في صدمةٍ للأسواق العالمية، ونتجت عنها موجات بيع موسعة عمَّت مختلف فئات الأصول.
فقد أظهرت بيتكوين والعملات الرقمية الرائدة الأخرى زخماً إيجابياً في البداية وأوحَت المكاسب المبكرة بإمكانية مواصلة الارتفاعات، لكنْ مع انتشار أنباء التعريفات الجمركية الصينية الانتقامية، تدهورَ المزاج العام للسوق، وأدت المخاوف من نشوب نزاع تجاري ممتد إلى اتخاذ أسواق الكريبتو الصاعدة مساراً معاكساً.
محلل يرى أن مستثمري العملات الرقمية عالية المخاطر قد تكبدوا خسائر فادحة وسط تقلبات السوق
صرَّح ماتي جرينسبان (Mati Greenspan) -المحلل ومؤسس Quantum Economics- لموقع Cryptonews بالقول: “تسببت الحرب التجارية الراهنة بتقلباتٍ شاملة، وأوضحت الفارق الكبير بين عملاتٍ بارزة مثل بيتكوين التي تراجعت قيمتها بنسبة 30% مقارنةً بأعلى مستوياتها المسجلة، وبعض العملات الرقمية الأكثر خطورةً التي تعرّضت لخسائر دامية”.
وأوضح جرينسبان أنّ “إدارة ترامب لعبت دوراً مذهلاً في تشجيع ابتكارات الكريبتو داخل الولايات المتحدة حتى الآن، وتجلّى ذلك بإسقاط الإدارة الجديدة للجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) نزاعاتها القضائية مع كيانات في القطاع، والتعجيل بإرسال مشروع قانون العملات المستقرة (Stablecoins) ليقرّه الكونغرس، وحلِّ فريق عمل بايدن المعادي للقطاع مؤخراً. وبالتالي، فقد انتقلنا فجأةً من الموجة الثانية التي عملت على خنق القطاع إلى ساحةٍ مفتوحةٍ لبناء وتطوير مشاريع الكريبتو الجديدة”.
ويأتي انخفاض سعر بيتكوين كانعكاسٍ لمخاوف السوق بشأن حالة عدم الاستقرار الاقتصادي الناتجة عن التوترات التجارية، حيث يتجه المستثمرون في الغالب إلى العملات الرقمية -كعملة BTC- كوسيلةٍ للتحوّط من تقلبات الأسواق التقليدية. لكنْ وفي أوقات تزايد الضبابية، يُمكن أن يؤدي العزوف عن المخاطرة إلى مواجهة بيع موسعةٍ تمتد لتضرب الأصول الأكثر تقلباً، ما ينتج عنه هبوط في الأسعار. ويشير اخفاض السعر دون مستوى 76,000$ إلى تراجع ملحوظٍ مقارنة بأعلى مستويات سعر BTC المُسجّلة مؤخراً ويؤكد مدى هشاشة السوق.
وأكمل جرينسبان: “بالنسبة لأولئك الذين يرون أنّ استراتيجية ترامب القائمة على إحداثِ اضطراباتٍ في الأسواق تمثل معاناة قصيرة المدى بهدف تحقيق مكاسب مستدامة، فتُمثل هذه الفترة فرصة استثمارية ممتازةً وفق أسس قوية”. ومع استمرار تطور الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يُرجَّح بقاء الأسواق التقليدية والرقمية متقلّبة للغاية، وعلى المستثمرين التعامل بذكاء مع مشهد اقتصادي يتسم بزيادة التقلبات وصعوبة التوقع.
الأسئلة الشائعة
يتسبب النزاع التجاري المتعلق بالتعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة والصين في إحداث اضطرابات واسعة لسلاسل الإمداد والتوريد القائمة، فالشركات تسعى إلى إيجاد مواقع تصنيع بديلةٍ لتفادي التكاليف المتصاعدة، ويُرجَّح أن يؤدي ذلك إلى تأخيراتٍ في الإنتاج وارتفاع النفقات التشغيلية، خاصة لصناعاتٍ مثل الإلكترونيات والمنسوجات وثيقة الارتباط بالتصنيع الصيني، وتشمل الآثار الاقتصادية الأوسع خسائر محتملة في الوظائف ضمن المناطق المتضررة وتحولاتٍ لافتة لأنماط التجارة العالمية.
تعمل تدابير التعريفات الجمركية كضرائب إضافية وقد تُحمّل كلَّ أسرةٍ أمريكية أعباءً بقيمة 1,500$ بحلول عام 2025 وفقاً لمؤسسة الضرائب. في ذات الوقت، فإنّ الإجراءات الصينية المضادة على الصادرات الزراعية الأمريكية قد تقوّض الميزة التنافسية للمزارعين الأمريكيين ضمن الأسواق العالمية.
تُساهم التوترات التجارية في تغذية أجواء عدم الاستقرار ضمن سوق السندات الأمريكية؛ فمع تزايد حذر المستثمرين بشأن التوقعات الاقتصادية المستقبلية، تدفع موجات البيع السريعة لسندات الخزانة الأمريكية عائداتها للارتفاع، في دلالةٍ على تراجع الثقة بقدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالدين الحكومي، فيما تزداد المخاوف المحيطة بالخفض المحتمل لاحتياطيات الخزانة الصينية الدولارية وتخلّص صناديق التحوّط من استثماراتها، وما لذلك من أثر سلبي قد يُعقد مساعي الاحتياطي الفيدرالي لضبط معدلات الفائدة وسط كلّ هذه التقلبات.
تهيمن الصين على سوق الإمداد العالمي للمعادن الأرضية النادرة ذات الأهمية البالغة في تصنيع الإلكترونيات وأنظمة الأسلحة وتقنيات الطاقة المتجددة. ورغم أن كندا قد تستطيع -نظرياً- تلبية بعض الطلب على المعادن الأرضية النادرة، يُمكن للحروب التجارية التأثيرُ أيضاً على العلاقات بين البلدين؛ فمن خلال تقييد الصادرات، قد تعمل الصين على تعطيل الإنتاج الأمريكي ضمن القطاعات ذات التقنيات المعقدة.






