أنشطة تعدين الكريبتو الماليزية مرشحة للزيادة بمعدل 110% في عام 2025 مع استمرار سرقة تيار كهربائي بقيمة 100 مليون دولار

أفاد تقرير جديد لجمعية ACCESS Blockchain الماليزية باحتمال ازدياد أنشطة التعدين القانوني للعملات الرقمية بشكلٍ حاد مدفوعاً باستثمارات البنية التحتية، وتوسيع سعة مراكز البيانات، وازدياد الاهتمام المؤسساتي؛ لكنّ عمليات سرقة التيار الكهربائي المرتبطة بأنشطة التعدين غير القانونية تستمر بإضعاف استقرار الشبكة وثقة المستثمرين.
وتبعاً للتقرير، أفادت شركة المرافق الوطنية Tenaga Nasional Berhad (TNB) بأن ماليزيا تكبدت خسائر متعلقة بالطاقة بقيمةٍ تجاوزت 441 مليون رينغيت ماليزي (قرابة 100 مليون دولار) بين عامي 2020 و2024، تعود غالبيتها إلى أنشطة تعدين الكريبتو غير المصرح بها، والتي تسحب الطاقة مباشرةً من شبكة الكهرباء.
فهذه الأنشطة غير القانونية -والتي تجري غالباً في مبانٍ سكنية أو تجارية- لا تُهدد السلامة العامة وحسب، وإنما تُلقي أيضاً بأعباء إضافية على البنية التحتية للطاقة في البلاد. وأوضح تقرير ACCESS أن ماليزيا يمكنها الاستفادة اقتصادياً من تعدين العملات الرقمية، ولكن يتوجب عليها أولاً معالجة التحديات التنظيمية الداخلية وإصلاح البنية التحتية.
الثغرات التنظيمية والأنشطة غير المشروعة تحد من نمو قطاع التعدين الماليزي
يُشير تقرير جمعية ACCESS Blockchain الجديد إلى أن استمرار الغموض التنظيمي الماليزي والأنشطة غير القانونية المُستترة ما تزال تُعيق تقدم قطاع تعدين الكريبتو، خاصةً وأن التنظيم القانوني للقطاع -وفق تقدير التقرير- قد يجتذب استثماراتٍ تصل إلى 700 مليون رينجيت في المعدات والبنية التحتية هذا العام فقط، ما سيُوفر قرابة 4,000 فرصة عمل وينعش الإيرادات الضريبية بنحو 150 مليون رينجيت سنوياً.
وعلى الرغم من هذه الآفاق المبشرة، تظل العديد من جهات التعدين القانونية بعيدةً عن الأضواء بسبب المخاوف الأمنية والضبابية السياسية.

فحالياً، تُصنّف ماليزيا بين أكثر 10 دول مساهمةٍ في معدل تجزئة بيتكوين (الطاقة الحاسوبية المخصصة لأنشطة التعدين) عالمياً نظراً للتسعير التنافسي للطاقة الكهربائية المخصصة للأنشطة الصناعية في البلاد، وبخاصةٍ في شرق ساراواك (Sarawak)، ما جعلها وجهةً جذابةً لممارسة أنشطة التعدين، لكنَّ عدم وجود ترخيص خاص بممارستها يُعيق انطلاق تطوير واسع النطاق للقطاع في البلاد.
وبينما تُشرف لجنة الأوراق المالية الماليزية (SC) على تداول الأصول الرقمية وحفظها، لا توجد هيئة تنظيمية موكلةٌ بالإشراف على أنشطة التعدين، ما أدى إلى مواجهة الناشطين في القطاع لتحديات غموض تعريفات الكهرباء، ومتطلبات الترخيص، ومعايير الامتثال البيئي.
كما أشار التقرير إلى أنه “رغم تنظيم لجنة SC للأصول الرقمية التي يُنتجها المُعدّنون في حال تم اعتبارها أوراقاً مالية وتم تداولها أو عرضها في ماليزيا، إلا أن الإرشادات الحالية لا توفر إطاراً تنظيمياً مُحدداً أو نظام ترخيص لأنشطة التعدين ذاتها”، وأضاف: “لا يزال التركيز مُنصبّاً على تداول الأصول وعرضها وحفظها بعد تعدينها، دون أي إطارٍ تنظيمي مُخصّصٍ للتعدين، ما يشكل مصدراً رئيسياً لعدم اليقين التنظيمي”.
الحاجةٌ مُلحّة للإصلاح ومعالجة أنشطة التعدين غير القانونية وترسيخ دعائم قطاع واعد
يعكس قطاع التعدين الماليزي نمطاً إقليمياً عاماً، فهناك دول مثل تايلاند وإندونيسيا تعاني من أنشطة غير قانونية وإساءة استخدام البنى التحتية. وتبعاً لأحد التقارير، فقد ازدادت حوادث سرقة موارد الطاقة المتعلقة بأنشطة التعدين غير المصرح بها بنسبةٍ تقارب 300% بين عامي 2018 و2024 تم فيها تسجيل 2,397 حالة، ليثيرَ هذا الارتفاع قلق شركة Tenaga Nasional Berhad (TNB) ويُهدّد بتقويض ثقة المستثمرين بالجدوى الاقتصادية طويلة الأجل لقطاع الأصول الرقمية.
وفيما أوصى تقرير ACCESS باتباع نهج منسق يتضمن إصدار تراخيص مخصصةٍ لأنشطة التعدين، وإصلاحاتٍ للقوانين المتعلقة بمسؤولية ملاك العقارات، ونماذج تسعير الطاقة وفقاً لمعايير الاستدامة، بدأت شركة TNB بالعمل على إطلاق عداداتٍ ذكيةٍ وتطبيق أدوات تحليل البيانات للكشف عن الاستهلاك غير القانوني. رغم ذلك، تبقى آليات التنفيذ مُشتّتة بين هيئات حكومية متعددة، ما يضعف عامل الردع لدى المعدّنين غير القانونيين.
يُذكر أخيراً أن أحد المقترحات الرئيسية التي أتى عليها التقرير تطويرُ نماذج تعدين متوافقةٍ مع الشريعة الإسلامية؛ فنظراً لريادة ماليزيا في مجال التمويل الإسلامي، أوصى التقرير بمحاولة الاستفادة من هذه الميزة عبر إطلاق أنشطة تعدين أخلاقيةٍ تولي الأولوية لشفافية الحوكمة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة.






