60% من شركات Fortune 500 تتبنى تقنيات البلوكتشين بينما يرتفع طلب الشركات الصغيرة والمتوسطة على العملات المستقرة
في حين تنتقل تقنية البلوكتشين بهدوء من كونها مجرَّد مشاريع تجريبية لتصبح جزءاً لا يتجزأ من إستراتيجيات الشركات، يبرز توجّهٌ متزايد من قبل شركات Fortune 500 والمشاريع الصغيرة التي تراهن على العملات المستقرة كأدواتٍ فعالةٍ لمُواجهة التحديات المالية.

ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن منصة كوينبيس (Coinbase) حول حالة سوق العملات الرقمية يوم الثلاثاء، فإن 60% من الشركات المُدرَجة في قائمة Fortune 500 تعمل حالياً على تطوير حلول قائمة على البلوكتشين. وتشير هذه النتائج إلى تحول أوسع نطاقاً في رؤية كل من المؤسسات الكبرى والشركات الصغيرة والمستثمرين لمستقبل المال الذي تقوده العملات المستقرة والأصول الرقمية بشكلٍ متزايد.
81% من الشركات الصغيرة والمتوسطة المطلعة على الكريبتو ترغب في استخدام العملات المستقرة، وقد وصل حجم معاملاتها إلى 27.6 تريليون دولار في عام 2024 وحده
يشير التقرير إلى نمو الاهتمام بتبني تقنيات البلوكتشين واستخدام العملات المستقرة، وذلك بناءً على استطلاعات رأي تم إجراؤها مع مسؤولين تنفيذيين في شركات Fortune 500 وصناع قرار من الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMB).
عن ذلك تقول منصة كوينبيس (Coinbase) أن عام 2024 مثل نقطة تحول حقيقية، فقد انتقلت المبادرات القائمة على البلوكتشين من كونها مجرَّدَ تجاربَ إلى جزء أساسي من الإستراتيجيات المؤسسية.
وذكر التقرير أن “1 من كل 5 مديرين تنفيذيين في شركات Fortune 500 يعتبر المبادرات القائمة على البلوكتشين جزءاً رئيسياً من إستراتيجيات شركته” وهو رقم يمثل زيادةً مذهلة نسبتها 47% مقارنة بالعام السابق.
وبذلك، أصبَحت العملات المستقرة أساس هذا التحول، حيث أعرب أكثر من 81% من الشركات الصغيرة والمتوسطة المُطلعة على عالم الكريبتو عن اهتمامها باستخدام العملات المستقرة لمعالجة التحديات المالية الرئيسية، مثل رسوم التحويلات المرتفعة وتأخير المدفوعات الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، ارتفع اهتمام الشركات الموجودة ضمن قائمة Fortune 500 بالعملات المستقرة 3 أضعافٍ منذ عام 2024. ويُعزى هذا الزخم الهائل إلى الاستخدامات الفعلية على أرض الواقع، فقد ذكرت منصة كوينبيس أن أحجام تحويلات العملات المستقرة وصلت أرقاماً قياسية خلال العام الماضي، مع تحويل 719 مليار دولار في كانون الأول/ديسمبر 2024 و717.1 مليار دولار في نيسان/أبريل 2025.
وعلى مدار العام الماضي، سهّلت العملات المستقرة تحويلاتٍ بإجمالي 27.6 تريليون دولار متجاوزةً حجم المعاملات المُجمّعة لشبكتي فيزا وماستركارد بأكثر من 7%.
وذكر التقرير أن “مستقبل المال قد وصل بالفعل، وتُعتبر العملات المستقرة المحرك الأساسي لهذا التحول”، مُؤكداً على دورها الحيوي في التحويلات المالية ودفع الرواتب وتحسين الشمول المالي.
يُذكر أن أكثر من ثلث الشركات الصغيرة والمتوسطة تستخدم العملات الرقمية بالفعل، بينما تخطط 46% مما تبقى منها لبدء استخدامها خلال 3 سنوات على الأكثر. بشكلٍ عام، يعتقد 82% من هذه الشركات أن العملات الرقمية يُمكنها المساهمة في حل مشكلةٍ واحدة على الأقل من تلك المشكلات التي تواجه أعمالها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاهتمام المؤسسي ينمو بشكلٍ مستمر، إذ وجدَت كوينبيس أن أكثر من 80% من المستثمرين المؤسساتيين يخططون لزيادة تعرّضهم للعملات الرقمية هذا العام. أما على الصعيد العالمي، فقد تجاوز عدد مالكي العملات الرقمية الآن 161 مليون شخص، مع نمو معروضها بنسبة 54% سنوياً.
وعلى الرغم من هذا الحماس الكبير، أشارَ التقرير إلى أن المشكلة الأخيرة التي يجب التغلب عليها هيَ عدم وجود إطار تنظيمي واضح. فقد أكد 90% من المديرين التنفيذيين في شركات Fortune 500 ممّن شملهم الاستطلاع، أن الولايات المتحدة بحاجةٍ إلى قوانين متسقةٍ على مستوى البلاد لإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لدى ابتكارات البلوكتشين.
كذلك، كتبت كوينبيس: “بدأت قوانين متفرقة بالظهور هنا وهناك”، في إشارة إلى الجهود المبذولة مثل قانون GENIUS المقترح للإشراف على العملات المستقرة، “فقد حان الوقت لإزالة هذه العوائق التنظيمية لدعم تبني العملات الرقمية على نطاق واسع”.
يُشار هنا إلى أن كوينبيس تعاونت مع شركة The Block Pro Research وشركات استطلاع رأي خارجيةٍ لإنتاج هذا التقرير، والذي حلل أيضاً اتجاهات تبني تقنيات الويب الثالث (Web3) بين شركات Fortune 500 في الفترة من 2020 إلى 2025.
ومع تسارع وتيرة تبني العملات الرقمية في القطاعين المؤسسي والمالي، يبدو أن العملات المستقرة تتصدر المشهد وتقود هذا التحول، ويشير نموها السريع واندماجُها في العمليات التجارية إلى ما قد يُعتبر المراحل الأولى لتحول مالي رقمي أوسع نطاقاً.
الشركات الصغيرة تنضم إلى عالم الكريبتو مع اتجاه واشنطن نحو تبني إطار تنظيمي أكثر وضوحاً
في الوقت الذي تتصدر فيه كبرى شركات Fortune 500 مسيرة التبني، تلحق الشركات الصغيرة والمتوسطة بها وفق خطى متسارعةٍ من حيث تبني تقنيات البلوكتشين.
ويكمن سر جاذبية هذه التقنية بالنسبة للكثيرين في قدرتها على حل تحدياتٍ مالية حقيقية. فقد أشارت حوالي 80% من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تستخدم العملات الرقمية إلى تحسّن في إصدار الفواتير وتحصيل المستحقات، يأتي كجزء من فوائدها الرئيسية.
علاوةً على ذلك، تحظى العملات المستقرة بشعبية خاصة، وتوفر طرق دفع أسرَع وتكاليف معاملاتٍ أقل.
وتماماً مثل نظيراتها من الشركات الكبرى، ترغب الشركات الصغيرة والمتوسطة بوجود قواعد تنظيميةٍ أكثر وضوحاً، كما يؤكد قادة القطاع أن حالة عدم اليقين التنظيمي ما تزال قادرةً على إبطاء وتيرة التبني حتى مع تزايد الاهتمام، إلا أن التحركات الأخيرة في واشنطن قد تغير هذا الواقع.
ففي 19 أيار/مايو، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي -بأغلبية 66 صوتاً مقابل 32 صوتاً- مشروع قانون GENIUS الذي حظيَ بدعم الحزبين، ويسعى لتنظيم العملات المستقرة.
في غضون ذلك، أعاد النائب توم إيمر (Tom Emmer) تقديم قانون اليقين التنظيمي للبلوكتشين (BRCA)، وهو مشروع قانون مدعومٌ من الحزبين من شأنه أن يمنع تصنيف مطوري البلوكتشين كناقلي أموال.
وتشير هذه التطورات، إلى جانب الإشارات الصادرة عن الرئيس دونالد ترامب (Donald Trump) التي تبدو داعمة لسياسات الكريبتو، إلى وجود زخم متزايد نحو وضع إطار تنظيمي أمريكي أكثر وضوحاً. وقد يفتح ذلك الباب أمام تبنٍ أوسَع للتقنية، ليس فقط من قبل عمالقة التكنولوجيا، بل من قبل جميع الشركات على اختلاف أحجامها.






