البنك المركزي الصيني يسعى إلى عالم مالي متعدد العملات بقيادة عملة اليوان الرقمي
تهدف هذه الخطوة إلى إنشاء نظام نقدي متعدد الأقطاب تتعايش فيه عدة عملاتٍ سياديةٍ وتُوازن بعضها البعض.

قدم محافظ البنك المركزي الصيني خطة طموحة لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي، داعياً للابتعاد عن هيمنة عملة الدولار الأمريكي، وحث على تبنٍ دولي أوسَع لعملة اليوان الرقمي. وقد صرَّح محافظ بنك الشعب الصيني بان جونج شنج (Pan Gongsheng) في كلمةٍ ألقاها خلال منتدى لوجيازوي (Lujiazui Forum) في شنغهاي يومَ الأربعاء بأن بكين ستقوم بإنشاء مركز دولي لتشغيل عملة اليوان الرقمي ( e-CNY) في المدينة، وفقاً لما ذكرته وكالة بلومبيرج Bloomberg) يوم الأربعاء.
وتهدف هذه الخطوة إلى دعم انتشار استخدام عملة اليوان الرقمي خارج البلاد وزيادة دورها في المعاملات العالمية.
الصين ستطلق عقوداً آجلة لعملة اليوان ضمن مساعيها لإعادة تشكيل النظام النقدي العالمي
إلى جانب جهودها المبذولة لدعم عملة اليوان الرقمي، قال بان إن الصين ستُسرّع خططها لإطلاق عقود آجلة لعملة اليوان في شنغهاي، مُوضحاً أن هذا سيمنح المستثمرين أدواتٍ جديدةً للتحوط ضد مخاطر تقلبات العملة، وأن الهدف الأكبر هو بناء “نظام نقدي دولي يعتمد على عدة عملات رئيسية”، بحيث تتعايش فيه هذه العملات الكبرى وتُمارس دوراً متبادلاً لكبح الهيمنة المتفردة لأي عملةٍ منها.
وأضاف بان أنّ هذا النظام قد يقلل الاعتماد على عملة الدولار الأمريكي ويُعزز دور العملات الإقليمية في القيادة المالية.
ترامب يدعم العملات الرقمية كخطوة إستراتيجية لمواجهة النمو المالي للصين
تأتي تصريحات بان في وقتٍ اهتزت فيه الثقة بعملة الدولار الأمريكي بسبب سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية والتجارية غير المتوقعة منذ عودته إلى الرئاسة.
وقد أدى عدم الاستقرار هذا إلى قيام بعض المُستثمرين بخفض ممتلكاتهم من عملة الدولار، كما دفع المُصدِرين الأمريكيين إلى البحث عن خيارات تسويةٍ بديلة، بما في ذلك عملة اليوان.
وفي أيار/مايو، جدّد ترامب دعمه للعملات الرقمية، واصفاً إياها بأنها ضروريةٌ للحفاظ على ريادة الولايات المتحدة في التقنيات الناشئة، وأنّ هذا الدعم ينبع من رغبته في منع الصين من السيطرة على مستقبل التمويل، حيث قال: “أنا من أكبر محبي العملات الرقمية لأنني أريد منعها من الوقوع تحت سيطرة الصين”.
الصين تسعى إلى ترسيخ دور عالمي لعملة اليوان الرقمي وسط تحذيرات من تسييس أنظمة الدفع
أمضت الصين أعواماً في محاولة نشر استخدام عملة اليوان دولياً، في إطار مساعي الرئيس شي جين بينج (Xi Jinping) الأوسع لدعم نفوذ الصين في مجال التمويل العالمي. وتُعتبر عملة اليوان الرقمي -التي تم اختبارُها بالفعل من خلال برامج تجريبيةٍ محليةٍ- جزءاً أساسياً في هذه الإستراتيجية، وأوضح بان أن التقنيات الجديدة كشفت عن عيوب في أنظمة الدفع الدولية التقليدية، واصفاً إياها بأنها غير فعالةٍ ومُعرضة بشكلٍ متزايد للمخاطر الجيوسياسية.
وحذر قائلاً: “يُمكن أن تخضع البنى التحتية التقليدية لعمليات الدفع الدولية بسهولةٍ إلى ضغوط السياسة، وقد يتم استخدامها كسلاح وأداة لفرض عقوباتٍ أحادية الجانب”، وأكد أن النموذج الحالي يقوض النظام الاقتصادي والمالي العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، طرَح بان فكرة دعم حقوق السحب الخاصة (SDRs) الصادرة عن صندوق النقد الدولي (IMF)، مشيراً إلى إمكانية استخدامها كبديل “عالمي غير سيادي”، لكنّه أقرَّ أيضاً بأن الإجماع العالمي حول هذه الفكرة ما يزال ضعيفاً، كما أنه غالباً ما يتم استخدام حقوق السحب الخاصة خلال الأزمات، ولا تُعد أداةً معتادةً للتسويات الدولية؛ واختتم كلامه قائلاً: “لا شك أن هيمنة عملة سيادية واحدة على عمليات الدفع الدولية قد أخذت بالتغير تدريجياً”، متوقعاً ظهور مشهد عملاتٍ أكثرَ تنافسية وتوازناً خلال السنوات القادمة.






