المحافظ التي تملك أكثر من 10 عملات بيتكوين تسيطر على 82% من معروضها – هل سندخل مرحلة الندرة الشديدة؟
أهم النقاط:
- المَحافظ التي تملك أكثر من 10 عملات بيتكوين (Bitcoin-BTC) تسيطر على 82% من معروضها، ما يترك للمستثمرين الصغار 17.5% فقط.
- يستطيع المشترون الكبار -مثل شركة Strategy- حيازة 50% من عملات بيتكوين المُعدّنة حديثاً، ما يزيد من ندرتها.
- تشهد بيتكوين مركزيةً متزايدةً تبعدها عن هدف مؤسسها ساتوشي ناكاموتو (Satoshi Nakamoto).
تشير بيانات جديدة شاركها موقع Santiment في 13 أيار/مايو إلى ازدياد هيمنة مستثمري بيتكوين الكبار على السوق، وبالأخص المَحافظ التي تحتوي أكثرَ من 10 عملات BTC (بقيمةٍ تقارب مليون دولار)، والتي باتت تمتلك 82% من معروض العملة الذي تمّ تعدينه.
كيف تحدد المحافظ التي يزيد رصيدها على 10 BTC سيولة السوق
يزداد تمركز رصيد بيتكوين في أيدي المستثمرين المؤسساتيين وبعض المتداولين البارزين بحسب تقرير من موقع Santiment.
في هذا السياق، تم تعدين ما مُجمله 19.86 مليون عملة BTC من أصل المعروض الأقصى البالغ 21 مليوناً، وتمتلك المحافظ التي يزيد رصيدها على 100 BTC (بقيمةٍ تتجاوز 10 مليون دولار حالياً) ما نسبته 60.84% من هذا المعروض، أما المحافظ التي يزيد رصيدها على 10 BTC فتبلغ حصتها 82.51% تقريباً، فيما يبقى أقل من 18% للمحافظ التي تحوي على رصيد تقل قيمته عن المليون دولار.
ويبلغ المعروض الأقصى لبيتكوين 21 مليون عملة تم بالفعل تعدين 94.57% منها ويتبقى 1.14 مليون BTC سيتم إطلاقها على مدى 115 عاماً، وفيما يتزايد استحواذ المستثمرين الكبار على هذا المعروض المستقبلي المحدود قبل وصوله إلى السوق المفتوحة، سيساهم ذلك في زيادة ندرة العملة بالتشارك مع قيودها البرمجية.
وتُعَد Strategy أفضل مثالٍ على حركة الحيازة الجائرة؛ حيث قامت الشهر الماضي بشراء 15,355 BTC وأعلنت في 1 أيار/مايو عن خطةٍ لجمع تمويل بقيمة 84 مليار دولار لشراء المزيد منها، كما قامت بشراء 13,390 BTC بعدها ببضعة أيام. ويؤثر هذا الاستحواذ المفرط بشكلٍ ملحوظٍ على معروض بيتكوين وحركات السوق، حيث يدعو مُحلل الكريبتو آدام ليفنجستون (Adam Livingston) هذه الظاهرة بتأثير “التنصيف المصطنع” تيمناً بدورات تنصيف بيتكوين التي تُخفض مكافأة التعدين إلى النصف كلَّ 4 سنواتٍ تقريباً، وتحدّ تدريجياً من تعدين العملات الجديدة، ما يزيد من ندرة المعروض.
كما يُساهم اللاعبون الكبار -مثل Strategy- بتعزيز هذه الندرة برفقة بروتوكول التنصيف، وذلك عن طريق شراء كمياتٍ كبيرة من عملات بيتكوين المُعدنة حديثاً فور دخولها إلى السوق، حيث يبلغ إنتاج المعدّنين بعد التنصيف الأخير 450 BTC يومياً أو 13,500 BTC شهرياً، أي أنّ عملية شراء Strategy كافية لامتصاص المعروض المُعدّن هذا الشهر بشكلٍ شبه كامل، وتنجح هذه الآلية بتحقيق أثر فوري من خلال رفع الطلب بالتزامن مع الاختفاء الفوري للعملات الجديدة.
المستثمرون الصغار في مواجهة تأثير “التنصيف المصطنع”
يترافق تمركز ملكية بيتكوين في المحافظ الكبيرة مع تبعاتٍ كبيرة على سوق العملة وخاصةً المُستثمرين الصغار، حيث تنخفض السيولة بشكلٍ كبير عند حجز جزءٍ كبير من المعروض؛ ويُمكن لهذا الجفاف أن يزيد التقلب ويُضخم التأرجحات السعرية كي يجعل من مهمة المستثمرين في الشراء أكثر صعوبة ويتيح البيع بأسعارٍ عادلةٍ وملائمة، وأشارَ تقرير Santiment إلى أن رصيد المحافظ التي تحوي أقل من 10 BTC يبلغ حالياً 3.47 مليون عملة (تعادل 358 مليون دولار حالياً).
وتنتمي هذه المحافظ إلى المستثمرين الصغار والمُعدنين والمتداولين المتواضعين الذين يشكلون محور مبدأ اللامركزية الذي تتبناه بيتكوين، ولكنّ المستثمرين الكبار يستمرون بالتعدي على هذا المبدأ بجمعهم المزيد من العملات والضغطِ على بقية اللاعبين، حيث يهلع المستثمرون الصغار ويبدؤون بالبيع لتأمين الأرباح خلال فترات القلق واضطراب السوق، ولكنّ هذا يخلق فرصةً أمام الحيتان (كبار المستثمرين) للدخول وشراء العملات بأسعارٍ منخفضة، وتستمر هذه الدورة بالتكرار لتزيد من حجم أرصدتهم وتُعمّق فجوة توزيع المعروض.
مفارقة مركزية بيتكوين: رحلتها من التمرد ضد المركزية إلى تبنيها
كشف ساتوشي ناكاموتو عام 2008 عن بيتكوين التي تمثل نظاماً مالياً رقمياً من النظير إلى النظير يهدف لإنشاء عملةٍ لامركزية لا تخضع لسيطرة المصارف والحكومات، وقد شكلت الورقة البيضاء للعملة تمرداً صريحاً على عيوب النظام المالي الذي شهد في ذلك العام انهياراً فضحَ مخاطر الهيمنة المركزية. ويكمن اختلاف بيتكوين في ابتعادها عن سيطرة الكيانات الكبرى ووضعها في يد شبكةٍ عالميةٍ من المستخدمين والمُعدّنين تُحافظ على عدالة النظام واستمراريته وتوفره للجميع، أو هذا ما كان يُنتظر منها على الأقل.
إثرَ ذلك، تلاشى هذا الوعد بعد 17 عاماً مع تركز غالبية رصيد بيتكوين في محافظ معدودة بشكلٍ مشابهٍ للهرمية المالية التقليدية التي سعت بيتكوين إلى تفكيكها منذ البداية، وستُصبح بيتكوين تحت سيطرة النخبة الثرية في حال عدم وجود تدخلٍ في هذا المسار، سواء عن طريق التبني الواسع أو إعادة التوزيع أو وضع سياساتٍ جديدة؛ وتكمن سخرية القدر في تحول أداة التحرير المالي في نهاية المطاف إلى النظام الذي تم ابتكارها من أجل تدميره.
الأسئلة الشائعة
يُمكن للّاعبين الكبار -الذين يملكون رصيداً كبيراً من بيتكوين- تحريك السوق بعملية تداولٍ واحدة، حيث ترتفع الأسعار في حال الشراء وتنخفض في حال البيع، وتسمَح هذه القوة بحدوث تأرجحاتٍ سعريةٍ كبيرة وغير متوقعة.
لا يمكن تحقيق هذا حالياً، حيث تركز القوانين على مكافحة التزوير والجريمة وليس إجبار الأثرياء على مشاركة أرصدة بيتكوين، إذ يُمكن للسلطات أن تصادر العملات من المجرمين، ولكنّ فرض إعادة التوزيع يُعَد فوضوياً وشائكاً من الناحية القانونية.
يمكن للمستثمرين الصغار المنافسة عن طريق تتبع نشاط الحيتان بوساطة أدوات التمويل اللامركزي (DeFi) ومشاركة أفكارهم في مجتمعات التداول، ويستطيعون اكتشاف الفرص مبكراً والتكيف بسرعةٍ مع أنشطة الحيتان التي تحرّك السوق، حيث تُعتبر المعرفة والمرونة أهمَّ من الكتلة المالية في أسواق الكريبتو سريعة الحركة.
لا تفوّت الفرصة
in numbers
