العملات المستقرة في الاتحاد الأوروبي متكافئة بموجب قانون أسواق الأصول الرقمية :(MiCA) فما هي الخطوات التالية؟
مع تزايد شعبية العملات المستقرة في جميع أنحاء أوروبا، تدخلت المفوضية الأوروبية لإصدار توجيهاتٍ جديدة توضح كيفية معاملة العملات الصادرة عن نفس الشركة في بلدان مختلفة، وذلك ضمن قانون أسواق الأصول الرقمية (MiCA).
تستعد المفوضية الأوروبية لإصدار إرشاداتٍ جديدة خلال أيام توضح كيفية التعامل مع العملات المستقرة بموجب قانون أسواق الأصول الرقمية في الاتحاد الأوروبي المعروفة باسم MiCA، وسط ضغوطٍ متزايدة لسنِّ قواعدَ أكثرَ وضوحاً بشأن استخدام العملات المستقرة في المعاملات الدولية.
وفي جوهر هذه التوجيهات تأتي قاعدة تسمَح بمعاملة العملات المستقرة التي يتم إصدارها من نفس الشركة على أنها قابلةٌ للاستبدال فيما بينها، سواء تم إصدارها داخل الاتحاد الأوروبي أو خارجه، بشرط أن تكون الشركة المُصدِرَة تحمل ترخيصاً للعمل بموجب قانون MiCA داخل الاتحاد الأوروبي.
المفوضية تستعد لإصدار توضيح بشأن العملات المستقرة بعد أن كشف انسحاب شركة إيثينا (Ethena) عن ثغرات تنظيمية
أفاد تقرير لوكالة رويترز (Routers) بأن المفوضية تنوي تقديم توضيح رسمي استجابة لحالة الشكوك المتزايدة في القطاع، وأبرزها غياب الوضوح حول ما إذا كان يُمكن استخدام العملات الصادرة من الشركة عينها في بلدان مختلفةٍ بصورة قابلة للاستبدال (fungibility).
يأتي هذا في وقتٍ ما يزال فيه قطاع الكريبتو الأوروبي يتأقلم مع قانون MiCA، والذي دخل حيّزَ التنفيذ في كانون الأول/ديسمبر 2024. وبموجب هذا القانون، يجب أن تكون العملات المستقرة المصنفة كعملات نقود إلكترونية (EMTs) مدعومة باحتياطياتٍ محفوظةٍ في بنوك أوروبية، ولا يجوز إصدارها إلا من شركاتٍ حاصلةٍ على ترخيص.
وجاءت خطوة المفوضية بعد حادثة آذار/مارس مع شركة Ethena -وهي شركة مُصدرة للعملات المستقرة- حيث تم رفض طلب الشركة للحصول على ترخيص من قبل MiCA في ألمانيا، ما دفعها للخروج من سوق الاتحاد الأوروبي لاحقاً.
والآن، من المتوقع أن تؤكد المفوضية إمكانية معاملة الشركات لعملاتها على أنها متكافئة في البلدان المختلفة، بشرط مشاركة الجهة الحاصلة على ترخيص الاتحاد الأوروبي في هذه العملية.
ولكنْ، لم يتفق الجميع مع هذا النهج، فقد أعربَ البنك المركزي الأوروبي (ECB) عن قلقه مُحذراً من أن السماح بهذا النوع من قابلية الاستبدال قد يعرّض النظام المالي الأوروبي لضغوط، إضافة لإمكانية استخدام الاحتياطيات المحفوظة في الاتحاد الأوروبي لتلبية طلبات الاسترداد من مالكي العملة خارج الاتحاد، وهو سيناريو قد يهدد “بتقويض الاستقلالية الإستراتيجية للاتحاد الأوروبي”.
على الرغم من ذلك، صرّح المتحدث الرسمي باسم المفوضية الأوروبية أن مخاطر حدوث مثل هذا السيناريو منخفضةٌ للغاية، قائلاً: “من غير المرجح أن تحدث موجة انسحاب جماعي من عملة مستقرة تتمتع بحوكمةٍ جيدة ومغطاة بالكامل بالضمانات”. بالإضافة إلى ذلك، أكدت المفوضية أنه يجب على مالكي العملات المستقرة من خارج الاتحاد الأوروبي تقديم طلبات استرداد أموالهم إلى الفرع الذي أصدَر العملة خارج الاتحاد الأوروبي وليس الفرع الأوروبي.
ولمنع عدم التوافق بين الاحتياطيات وعمليات الاسترداد، تُخطط المفوضية إلزام مُصدري العملات المستقرة بتطبيق آليات إعادة موازنةٍ تضمن تطابق الاحتياطيات المُحتفَظ بها في الاتحاد مع كمية العملات المتداولة داخله.
وتبدو هذا الخطوة كاستجابةٍ لطلب من هيئة الرقابة المصرفية الفرنسية في نيسان/أبريل، والتي سألت المفوضية عمّا إذا كان يُمكن معاملة العملات المتطابقة التي تُصدرها أذرع منفصلةٌ لنفس الشركة -أحدها مُرخصٌ من قِبلِ الاتحاد الأوروبي والأخرى خارجه- على أنها متكافئةٌ وقابلةٌ للاستبدال.
ولا يزال البنك المركزي الأوروبي حذراً -كما يظهر في مراسلاتٍ داخلية- من احتمال استنزاف الاحتياطيات المشتركة تحت الضغط المالي، مؤكداً على ضرورة إبقاء طلبات الاسترداد مفصولة بين الكيانات داخل وخارج الاتحاد لتجنب الثغرات التنظيمية.
مع ذلك، تُصر المفوضية على أن الفصل الواضح بين قنوات الاسترداد داخل الاتحاد وخارجه إلى جانب التتبع الدقيق للاحتياطيات سيقلل من المخاطر. وكما ذكرنا سلفاً، من المتوقع صدور بيان رسمي من المفوضية قريباً، حيث تسعى الجهات التنظيمية إلى تحقيق توازن دقيق بين تشجيع الابتكار في السوق والحرص على وجود ضماناتٍ ماليةٍ قوية بموجب قانون MiCA.
قانون MiCA يشهد بداية متعثرة مع دراسة أوروبا لمستقبل العملات المستقرة ودعمها لليورو الرقمي
تزامناً مع بدء الاتحاد الأوروبي بتطبيق قانون تنظيم أسواق الأصول الرقمية (MiCA)، تشير ردود الفعل الأولية على قواعد العملات المستقرة الخاصة بها إلى بدايةٍ متعثرة؛ فرغم أن القانون يوفر وضوحاً للشركات العاملة في أوروبا، إلا أن شروطه الصارمة -مثل إلزام المُصدرين بالاحتفاظ بالاحتياطيات في بنوك أوروبيةٍ وحظر الفوائد على العملات- أبطأت من وتيرة تبني العملات المستقرة.
فعلى سبيل المثال، اختارت عملة تيثر (Tether-USDT) -العملة المستقرة الأكثر استخداماً في العالم- عدم الانضمام إلى هذا الإطار، بينما حصلت شركات أخرى مثل سيركل (Circle) وCrypto.com وعدد قليلٍ غيرها على الموافقة للعمل بموجب قانون MiCA.
رغم ذلك، ما تزال وتيرة التبني بطيئة للغاية. فقد أشارَ فابيو بانيتا (Fabio Panetta) -العضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي وحاكم بنك إيطاليا الحالي- إلى أن قانون MiCA لم يُحدث أيَّ موجة ملحوظةٍ من النشاط في سوق العملات المستقرة الإيطالي، والذي يُعَد واحداً من أكبر أسواق الاتحاد الأوروبي.
بدلاً من هذا، يتجه اهتمام المستخدمين نحو خدمات الحفظ الوصائي والتداول، لا إلى إصدار العملات. وقد شدد بانيتا على أنه على الرغم من أن قانون MiCA يُحسن الشفافية والرقابة، إلا أن التنظيم وحده لن يزيل المخاطر التنظيمية، ودعا إلى تسريع مشروع اليورو الرقمي الذي يُمكنه توفير بديل مدعوم من البنك المركزي وأكثرَ أماناً من العملات المستقرة الخاصة.
في الوقت نفسه، تتسابق بلدان كبرى أخرى مثل الولايات المتحدة لوضع اللمسات الأخيرة على قوانينها الخاصة بالعملات المستقرة، ما يعني ضغطاً على جهود أوروبا لتكون رائدةً في وضع المعايير العالمية للعملات الرقمية. وعلى أي حال، لا تزال نهاية السباق في عالم العملات المستقرة بعيدةً حالياً، وما يزال تأثير قانون MiCA قيد الاختبار حتى الآن.
لا تفوّت الفرصة
in numbers
