تقنيات التزييف العميق بالذكاء الاصطناعي تفتك بقطاع الكريبتو وتتسبب بعمليات احتيال قيمتها 4.6 مليار دولار وفقاً لأحد التقارير

أثار ازدهار الذكاء الاصطناعي موجة جديدةً من عمليات الاحتيال المعقدة في عالم الكريبتو، وتلعب تقنية التزييف العميق (deepfake) دوراً محورياً في ذلك. ووفقاً لتقرير مكافحة الاحتيال لعام 2025 الصادر في 10 حزيران/يونيو، ارتفعت الخسائر العالمية الناتجة عن عمليات الاحتيال في قطاع الكريبتو إلى 4.6 مليار دولار في عام 2024؛ وقد شارك في إعداد التقرير كلٌّ من منصة تداول الكريبتو الرائدة Bitget وشركة أمان البلوكشين SlowMist وموقع تحليلات البلوكتشين Elliptic.
ارتفاع قيمة عمليات الاحتيال بالذكاء الاصطناعي في قطاع الكريبتو إلى 4.6 مليار دولار في 2024
كشفت Bitget في تقريرها أن عمليات الاحتيال ضمن قطاع الكريبتو أصبَحت أكثرَ تطوراً، ويتم استخدام مقاطع مصورة مزيفةٍ مُولَّدة بالذكاء الاصطناعي لخداع الضحايا حول العالم، وقد أفاد التقرير بتفكيك ما لا يقل عن 87 شبكة احتيال بالذكاء الاصطناعي خلال الربع الأول فقط من عام 2025.
وتستخدم هذه المجموعات مقاطع فيديو مفبركة بالذكاء الاصطناعي ومكالمات زوم مزيفة وعروض عمل تحتوي على برمجية تروجان (Trojan) الخبيثة، فضلاً عن انتحال شخصية من هم موثوقون في قطاع الكريبتو لخداع المستخدمين وسرقة الملايين.
من جانبها، أكدت جرايسي تشين (Gracy Chen) -الرئيس التنفيذي لشركة Bitget- ذلك التهديد الذي تشكله هذه الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وأعلنت أن “التقلبات السعرية لم تعُد التهديد الأكبر لقطاع الكريبتو اليوم، بل الاحتيال هو كذلك… فقد جعل الذكاء الاصطناعي عمليات الاحتيال أسرع وأرخص وأكثرَ صعوبة في الاكتشاف. ونعتقد في Bitgetأنّ الردَّ يجب أن يجمَع بين الصرامة التقنية والتعاون على مستوى النظام بأكمله”.
ولمكافحة هذا التهديد المتزايد، أطلقت Bitget حملة توعية عالمية بعنوان “شهر مكافحة الاحتيال” بهدف تثقيف المستخدمين وتحسين معايير الأمان في هذا القطاع، كما أنشأت -كجزء من هذه المبادرة- مركزاً لمكافحة الاحتيال وأنظمة كشفٍ مُحسّنة، وتحتفظ بصندوق حمايةٍ بقيمة 500 مليون دولار للمساعدة في تغطية الخسائر الناتجة عن مثل هذه العمليات.
وسلط التقرير الضوء على ثلاث إستراتيجياتٍ رئيسية للاحتيال؛ وهيَ انتحال الشخصية باستخدام التزييف العميق، وأساليب التلاعب باستخدام الهندسة الاجتماعية، ومخططات بونزي (Ponzi) المقنعة في هيئة مشاريع التمويل اللامركزي ((DeFi أو الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs). كذلك، كشف التقرير عن كيفية استخدام المحتالين لأدوات الربط بين شبكات البلوكتشين المختلفة وأدوات الإخفاء لغسل الأموال المسروقة، ما يُصعّب على السلطات تتبعها واستردادها.
وقدَّم كلٌّ من SlowMist وElliptic تحليلاتٍ جنائية في التقرير، حيث قاموا بتحليل كيفية استغلال مجموعات الاحتيال المحترفة لمنصاتٍ مثل تيليجرام وX (تويتر سابقاً) للإيقاع بضحاياهم. وقالت ليزا (Lisa) -رئيسة عمليات الأمان لدى SlowMist- إن المخططات تتطور، لكنّ العوامل النفسية الأساسية التي تنطوي عليها لم تتغير… ويجب أن يكون المستخدمون مطلعين وحذرين ومتيقظين لتدابير الأمان في جميع الأوقات”.
كما أشار يو شيان (Yu Xian) -الرئيس التنفيذي لشركة SlowMist- إلى طريقة احتيال جديدة تتضمن برنامج زوم مزيفاً، يتم استخدامه في خداع الضحايا لتحميل ما يبدو أنه تطبيق مكالمات فيديو موثوق، لكنه يمنح المهاجمين تحكماً كاملاً في جهاز الضحية بمجرد تثبيته، وأضاف: “هؤلاء المحتالون مقنعون للغاية… ومقاطع الفيديو المعروضة خلال المكالمات تتم باستخدام تقنيات التزييف العميق، وتبدو حقيقية بشكلٍ مرعب”.
من جانبه، قال أردا أكارتونا (Arda Akartuna) -كبير الباحثين في تهديدات الكريبتو لدى Elliptic: “مثلما يقوم المحتالون بتطوير وتوسيع نطاق عملياتهم باستخدام الذكاء الاصطناعي، نقوم بتطوير أدواتنا باستخدام التقنيات نفسِها لمواجهتهم، ويَعكس تعاوننا مع Bitget مدى خطورة هذا التهديد”.
وينتهي التقرير بدعوة إلى اليقظة؛ حيث يشدد على أن حماية المستخدمين تعني التحقق من الروابط، وتجنب التنزيلات المشبوهة، والبقاء على اطلاع. أما بالنسبة للشركات، فيعني ذلك تعزيز أدوات الدفاع، وتوفير تدريباتٍ أمنية منتظمة، وترسيخ عقلية “تحقق قبل أن تثق”.

ومع تنامي صعوبة اكتشاف عمليات الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يواجه قطاع الكريبتو مصادر خطر جديدة، إذ إن الوثوق بما تراه أعيننا وتسمعه آذاننا لم يعُد كافياً للتأكد من مدى موثوقية أي مشروع.
الاحتيال بالذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي كبد الضحايا نحو 10 مليار دولار في 2024
عقبَ زيادة عمليات الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وصلت خسائر قطاع الكريبتو من جراء هذه العمليات في 2024 إلى ما لا يقل عن 9.9 مليار دولار وفقاً لبيانات Chainalysis. ورغم أن هذا الرقم يمثل انخفاضاً بنسبة 29% عن مبلغ 14 مليار دولار تمت سرقته في 2021، يُحذر الخبراء من أن الرقم الحقيقي قد يتجاوز 12 مليار دولار، ما سيظهر مع استمرار التحقيقات.
ومن بين الاتجاهات المثيرة للقلق ارتفاعُ الودائع المرتبطة بعمليات الاحتيال المعروفة باسم “احتيال التسمين ثم الذبح” بنسبة 210%، وهو أسلوب يقوم فيه المحتالون ببناء ثقةٍ طويلة الأمد مع الضحية قبل أن يسحبوا أموالها بالكامل. ورغم ازدياد أعداد ضحايا هذا النوع من الاحتيالات، انخفض متوسط المبلغ المسروق من كلِّ شخص بنسبة 55%، في إشارة إلى استهداف المحتالين لمجموعاتٍ أكبرَ بمبالغ أصغر.
وتشير جمعية مديري الأوراق المالية لأمريكا الشمالية (NASAA) إلى منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك (Facebook) وX وتيليجرام (Telegram) وواتساب (WhatsApp) كقنوات رئيسية يستغلها المحتالون، إذ غالباً ما يستخدمون محتوى مولداً بالذكاء الاصطناعي وإستراتيجيات التلاعب العاطفي مثل الخوف من ضياع الفرصة (FOMO) وعمليات الاحتيال العاطفي.
ويتوقع حوالي 40% من المُنظمين أن يُصبح الذكاء الاصطناعي الأداة الرئيسية للاحتيال في قطاع الكريبتو، مع توقعاتٍ بزيادة حادة في استخدام تقنيات التزييف العميق، حيث تستمر هذه الأساليب المتطورة بإحداث خسائرَ فادحة، ما يؤكد تنامي التحديات التي يُواجهها المنظمون والمستثمرون في عام 2025.






